حق المرأة على الدولة | صوت مصر نيوز

الثلاثاء 14-07-2020 03:00

تقوي

بقلم تقوى مجدي




ذكرت الشرق الأوسط أن موظف شركة (بوينج) نيل غولايتلي، استقال من منصبه لنص كتبه قبل (30) عاماً عن دور المرأة، وملاءمتها للعمل في الجيش الأمريكي، وعدم السماح لهن بالمشاركة في مهام قتالية، معترفاً بأن الحجج التي ساقها في مقاله كانت خاطئة ومهينة، وغير حكيمة، مما حدا به إلى الاعتراف بخطئه، وشعوره بالندم في حق المرأة؛ فاستقال ليرتاح ضميره!




تأملت هذا الخبر، ورجعت سنوات إلى الوراء، وجاء بخاطري آلاف المشاهد والمواقف والأحداث والكتابات بحق المرأة، يوم أن كانت يقلبونها المجتمع كيفما يشاء ، لا يوجد عندهم أدنى شعور بالخجل غير القسوة في حقوقها المنصوص عليها شرعاً وتعطيلها عن واجباتها الممكنة والمقبولة.

فيوجد بعض التصورات في عصرنا ونظرات بعض الرجال عن المرأة انها مصدر للفتنة، ومبعث للشهوة الآثمة وأنها أصل البلاء وأساسه، لا تصلح إلا للبيت، وإرضاء الزوج، وإنجاب الأطفال، وأن تكون أقرب لوعاء يضع فيه الرجل رغباته ونزواته وشهواته مهما كانت غريبة وشاذة.

عارضوا بشدة بعض البلاد عن توظيف المرأة وأغلبها البلاد العربية ، كل قرار يتخذ لصالح المرأة وآدميتها، قالوا لا تصلح للوظيفة، غير جديرة بالتعليم، اتهموها في أخلاقها، لو أنها عملت بائعة أو كاشيرة، فنصيبها من قاموسهم يبدأ من الفاسقة، ولا ينتهي إلا بالفاجرة، ويمتد ليشمل ولي أمرها، فهو (ديوث) ، لا يغار على عرضه.

حرموا أي قرار يجعل منها مواطنة جديرة بالعلم والعمل. ضيقوا عليها الخناق وطاردوها في الشوارع والمولات، تحكموا في شكل ملابسها وطريقة حديثها ، ووضعوا لذلك عقوبات وتعهدات.. إن ركبت مع السائق فهي (خلوة محرمة)، وإن قادت السيارة بنفسها فهي الطامة الكبرى، فهي بظنهم ستذهب إلى مواطن الرذيلة ومحاضن الفجور، وزيادة عن هذا ؛ فوجهها عورة، وكفيها فتنة، وصوتها موقع على حبائل إبليس الموبقات.

لا يُغطيها إلا السواد، تمشي بعينين مغطاه بالحجاب.. حتى في المساجد عزلوها وراء جدران لا ترى الإمام ولا الصفوف؛ رغم أن نبي الأمة قال: {خير الصفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء} ولم يذكر لنا أي ساتر أو حجاب حتى لا تبطل الصلاة.

منعوها من الظهور على كافة المنصات الإعلامية. قسموا المجتمع إلى نصفين؛ واحد للرجال وآخر للنساء، طردوها من كل مكان وأقفلوا في وجهها أبواب الحياة، لا يخالفهم إلا كان هالك فاسق.

اعتمدوا على رؤيتهم الضعيفة والمكذوبة والشاذة وطبقوها على المرأة، وغيبوا كل الجوانب المضيئة بشأنها، مما أدى إلى نمو وعي اجتماعي خاطئ في فهم قضايا المرأة وحقوقها.

فأستطيع أن أقول هذا في مقالي أنه لا يوجد فرق بين الرجال والنساء، وأن نصف سكان العالم من النساء، وأن لهن حقوقاً كبيرة على البلد والأسرة في المعاملة والاحترام وحق الحرية والتعليم والصحة، فكل أمرأة لها حق في عناق دولتها ويجب على الدولة إكرام هذه النساء والنظرة بشكل مختلف لها.

فالمرأة من نبع الإسلام الصافي فوضعها في المكان المناسب ولها حقوق وواجبات واعتبرها إنساناً تشارك الرجل في الكرامة {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..}. كما اعتبرها مشاركة في المسؤولية {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ..} واعتبرها شريكة في المسؤولية الجنائية {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا..}، وكما للرجل ولاية على المرأة فالمرأة لها ولاية على الرجل {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ..}، ويقرّر نبي الأمة أن النساء شقائق الرجال فارضاً بذلك المساواة بين الجنسين مع مراعاة الفوارق الطبيعية بين الأنوثة والرجولة.

فعلينا احترام النفس الإنسانية ونبذ الجهل والتخلف. فما كان مقبولاً بالأمس لم يعد في الإمكان قبوله اليوم.

علينا أن نحافظ على هذه المكتسبات ونبتعد عن الغمز واللمز بحق المرأة وأن لا نجعل منها مادة للسخرية وأن نتبع الهوى ونقرر أنها لا تنفع لأي عمل ولا تصلح لأي مسؤولية لنعيد صوراً قد اختفت من حياتنا للأبد.

 

اضف تعليق