فيروس كورونا أعاد ترتيب الحياة من جديد | صوت مصر نيوز

الجمعة 27-03-2020 15:58

بقلم: تقوى مجدي




بعيداً عن التحليل العلمى المعملى الوبائى الجرثومى الذى يمكن أن يفسر علمياً «فيروس كورونا»، فإن عقلى المتواضع وفهمى المحدود قد قادانى إلى فهم أعمق لما يحدث الآن.




تكشف الأزمات أنواعا مختلفة من الناس، فمنهم من يتعامل معها باللامبالاة، ومنهم من يحاول إيجاد جهة أو شخص لوضع اللوم عليهم، وهناك من يبدع في البكاء والعويل بشأن أوضاعنا وصعوبتها، ولكن هناك أيضا من يرفض البحث عن اللوم ويقرّر، على الرغم من الصعاب والظروف غير المناسبة، أن يواجه الأزمة بثقةٍ، وبتضافر الجهود ولو كانت متواضعة.

منذ بدء الخليقة وهناك تحديات يواجهها الإنسان بالبحث عن الزرع، الماء، النار، الطاقة، السكن الآمن، الحماية من الكوارث الطبيعية.
وعرف الإنسان: الطاعون، والحصبة، والملاريا، والإنفلونزا، ونحن الآن في مرض الكورونا.

فى كل مرة يظهر الداء، وبعده يتم اكتشاف المصل أو الدواء، ويعتقد العلم والعلماء أن الإنسان أصبح فى مأمن من الأمراض.

لقد تضررت صحة الكثير من الناس الذين اصابهم فيروس الكورونا، ولا شك من ان الكثير من اصحاب رؤوس الاعمال والمحالات التجارية والمهنية قد اصابها الخلل ايضا، وبالتأكيد قد استهلك خزانة الدولة ميزانيات باهظة جراء تداعيات هذه الأزمة الداخلية والخارجية، لكن لننظر من زاويا أخرى إلى ما أظهرته هذه الأزمة كي نستفيد ونتعظ منها، فالحياة تجارب ودروس وعبر.

فقد وصل العلم والعلماء إلى وضع عقل فى الإنسان الآلى، ووضع آلات وشرائح إلكترونية فى الجسم البشرى.

هذا كله أوصلنا إلى تلك الحالة الخطرة التى يتجرأ فيها العلم على قدرة الخالق، ويعتقد العالم أنه بديل – والعياذ بالله – للإله جل شأنه، أيها الإنسان أنت لا شىء، أنت جناح بعوضة أمام قدرة الله الواحد الأحد.

الآن أعظم جنسيات فى عالم اليوم، معزولة داخل غرفتها أو منازلها، أحيائها، مدينتها ، بلا حركة طيران ولا قطارات ولا خروج ولا متنزهات، ولا مطاعم ولا ملاهى، يخزنون المياه والأطعمة، يقبلون على الكمامات والمعقمات، يعيشون فى قلق ورعب وخوف واكتئاب وتوحد وانعزال!

الآن المساجد والكنائس والمعابد وملاعب كرة القدم والاحتفالات والاجتماعات العامة والمقاهى والمطاعم بلا جمهور. الآن الحرم المكى والحرم النبوى محددا الزوار.

إنه درس كبير لنا يا آلله يدعو كل من على كوكب الأرض إلى أن يتأمله بعمق ويتدارسه.
عالم ما بعد الكورونا ليس كعالم ما قبله، وقيم ومشاعر وأحكام البشر بعد الكورونا سوف يعاد تقييمها وتدارسها بمنظور الإنسان المتواضع البعيد عن طغيان قوة العلم والمادة.

تعريف الطغيان فى الفقه هو تجاوز الحد، والطاغى هو العاصى الجبار العنيد، وفى تعريف آخر فى قواميس اللغة هو «الأحمق المستكبر الظالم.
قوة العلم وسطوة التفكير المادى والتطور المذهل فى تقنيات العلوم الحديثة لا شئ أمام قدرة الله

فقد أوضحت أزمة كورونا وطنياً، بأن علينا ان نلتئم جميعا على ارض وطننا ونتسامى على جراحات فتن الفترة الماضية وان نصفح ونعفو ونعيد ونطلق ونجمع ونجتمع وندرك ان في كل حرف نونٍ من تلك المفردات يكمن سر الاستفادة اجتماعياً وسياسياً وفنياً ومهنياً واقتصادية.

و أن نكون في وطن واحد مواطنين هو ان ندرك بأننا لا بأس بأن نختلف ولكن لابد وان نكون متساوين على خطة واحدة أو فكرة موحدة وليس مختلفين على فكرة واحدة جاهلة .

وطنياً علينا ان ندرك بأننا بحاجة الى سياسة مُصلحون قادرون على التغيير وجمهور واعي متابع مؤمن يعرف الحق ثم يعرف أهله، وطنياً هو ان ندرك بأن لا عزة لنا إلا بهذا الوطن واهله، وإن مخزون طاقتنا الأساسية وهي أن نكون صالحين …. هنا إذا أدركنا ذلك لا شك من اننا سنستفيد ونُفيد وطناً بأكمله .

اضف تعليق