هل عرف المصريين القدماء شعر الغزل لـ إسلام محمود

السبت 01-06-2019 12:06

شعر الغزل

 

بقلم : إسلام محمود




على الرغم من الجدية التي اتسم بها قدماء المصريين، وبدت جليةً فى ما تركوه من أثر دقيق خلّد حضارتهم فى الوجود الإنسانى، فإنهم كانوا أول من دونوا أشعار الحب والغزل والغرام.

وقد تضمنت مجموعة من البرديات عددًا من القصائد التى أودعها أدباء مصر القديمة مشاعرهم الفياضة تجاه الحب والمحبوب، مثل برديات “هاريس 500، وشستر بيتى” الموجودتين بالمتحف البريطانى بإنجلترا، وكذا بردية تورين المحفوظة فى متحف تورين بإيطاليا.

وقد عرف المصريون قديمًا صنوف الآداب من السير الذاتية، إلى أدب التربية والأخلاق والأدب التهذيبى والإصلاحى، وقد عبرت بردية شستر بيتى عن مشاعر الحب الحميمة، مثلما جاء فى قصيدة “العاشقة العذراء” والتى تقول:

“لقد أثار حبيبى قلبى بصوته،

وتركنى فريسة لقلقى وتلهفى،

إنه يسكن قريبًا من بيت والدتى،

ومع ذلك فلا أعرف كيف أذهب نحوه،

ربما تستطيع أمى أن تتصرف حيال ذلك،

ويجب أن أتحدث معها وأبوح لها،

إنه لا يعلم برغبتى فى أن آخذه بين أحضانى،

ولا يعرف بما دفعنى للإفصاح بسرى لأمى،

إن قلبى يسرع فى دقاته عندما أفكر فى حبى،

إنه ينتفض فى مكانه،

لقد أصبحت لا أعرف كيف أرتدى ملابسى،

ولا أضع المساحيق حول عينى

ولا أتعطر أبدا بالروائح الذكية”




وتوضح هذه القصيدة رهافة المشاعر الإنسانية لدى المحب امرأة كانت أو رجلًا، كما توضح حرية المرأة الشابة في التعبير عن كوامن روحها تجاه حبيبها الذى أثارها بصوته، ثم مضى تاركًا إياها فريسة للقلق واللهفة

وقد عبرت إيزيس عن “حبها وشوقها” إلى حبيبها الدائم أوزوريس، قائلةً: قد أتيت هنا من أجل حبى لك، فلتحرر جسدى من حبك.

كان الحب مصدرًا رئيسًا فى بناء الحضارة المصرية القديمة، فكانوا أوائل من كتب أشعار الغزل والغرام فى التاريخ، وظهر ذلك جليًا فى الدولة الحديثة، حيث برز نمط جديد من الأدب هو شعر الغزل والقصائد العاطفية والوجدانية .

وقد أوضح الدكتور خالد شوقى البسيونى، أستاذ الآثار بجامعة قناة السويس، في دراسة له بعنوان “شعر الغزل والغرام فى مصر القديمة”، أن قدماء المصريين كانوا أول من كتب أشعار الغزل والغرام فى التاريخ، مؤكدًا أن مصر القديمة عرفت أنواعًا مختلفة وأجناسًا أدبية متباينة، منها بردية الملاح الغريق وبردية القروى الفصيح وبردية سنوهى وبردية الأمير المسحور وبردية الأخوين، وبردية خوفو والسحرة وأدب الرسائل.

وقد ظهر شعر الغزل والغرام كنمطٍ جديد في الدولة الحديثة، حيث تمثل بردية شستر بيتى النموذج الأمثل لهذا الشعر فى مجال الحب والغرام والمشاعر الحميمة ، ومن هذه النماذج للشعر المصرى القديم ما جاء فى ترنيمة نفتيس إلى أوزوريس.

أحضر توا يا سيدى يا من ذهبت بعيدًا

أحضر لكى تفعل ما كنت تحبه تحت الأشجار

لقد أخذت قلبى بعيدًا عنى آلاف الأميال

معك أنت فقط أرغب فى فعل ما أحب

إذا كنت قد ذهبت إلى بلد الخلود فسوف أصحبك

فأنا أخشى أن يقتلنى طيفون (الشيطان ست)

لقد أتيت هنا من أجل حبى لك

فلتحرر جسدى من حبك.

ومن قصيدة إيزيس العاشقة الأولى:

النداء الأبدى لأوزوريس بردية برلين رقم 3008

تعالى نحو بيتك تعالى إلى بيتك

أنت يا من لا أعداء له

أيها الشاب الجميل الطلعة

تعالى بيتك لكى ترانى

لا تفترق عنى أبدًا

أنا لا أراك ولكن قلبى يتطلع للقياك

وعيونى تبحث عنك

تعالى يا من توقف قلبه عن الخفقان

إننى أناديك ويرج صراخى أجواء السماء

ولكنك لا تسمع صوتى

أنت لم تحب امرأة أخرى سواى

اضف تعليق