“خدعة الموت” لــ إيمان الطوخي | صوت مصر نيوز

الأحد 20-05-2018 20:01

بقلم إيمان الطوخي






حياتك في الدنيا تشبه حينما تكتب إسمك على سطح منزلك بحمرة الطوب الأحمر ومهما كان طويلا أو مكتوب بطريقة كبيرة سيأتى الهواء غير آسف ماحيا اسمك ، وذلك التشبيه خاطئ ،لأن وجودك في الحياة لا يعني مجرد وجود مجرد جسد ،بل وجودك أكبر بكثير ،





الموت حقا ليس بأن يفنى جسدك أو جسد من تحب، الموت أن تردم روحك وقلبك حينها إعلم بأنك ميت ، حينما لا يحتاجك أحد فأنت ميت ،حينما تنظر لحياة المقربين منك ولا تجد لك تأثير جيد حتى لو كان مختبأ فأنت ميت ، ألا تجد أحد يحبك وتحبه فأنت ميت فالناس موتا وأهل الحب أحياء، كم من أناس ماتوا في دنيانا ولكنهم أحياء يعيشون معنا ، حتى انك تكاد تسمع دعائهم لك ، هؤلاء هم من أحببت ،من وضعوا لبنة في جدار حياتك ، إن اعتقادنا بفناء الإنسان بذهاب جسده إنما هو مجرد كذبة ،أو خدعة تحزننا على عادة رؤية هؤلاء الاشخاص بجانبنا .
وبكل تأكيد ليس كل الناس أحياء، فهناك من هو ميت وهو على قيد الحياة ،انك تجد الأحياء الذين اتحدث عنهم هم كانوا أناس طيبين ،أرادوا الخير لكل من رأتهم أعينهم، لم يحملوا حقداً، ولم يعرف الطمع أماكن قلوبهم ، كأناس ضحوا بأرواحهم فداء للوطن، دفاعا عن أهله وعرضه ،أولئك هم الأحياء عند ربهم ،وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ (154) سورة البقرة ، وهناك ذلك المعلم الذي مازال حيا بطلابه وبكل خير يقدمونه للبشرية ، وذلك الكاتب الذي أنار بفكره مصابيح في أذهان قارئيه، لينيروا بها الدنيا ، وذلك الأب الذي علم أبنائه معنى المحبة والأخوة ،والصدق ،والوفاء ،وكيفية التمسك بحبل الله بأن نكون معه دائما ، بأن نخلص في كل افعالنا رضاء وجهه وأن نحيا كرماء أعزاء ، ان ننصر الحق ،وأن نعز ديننا ،وأنفسنا بجتنابنا الرجس،
معان غالية نفيسة قلما تجدها ، هؤلاء هم الأحياء، فتجدهم في حياتهم ومماتهم خالدين ،مخلدين ، وخير وأشرف مثال أتحدث عنه هو الحبيب العظيم الكريم الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك الرجل الذي لم تره عينك ، وتجد نفسك محب له بل عاشق ،ذلك الرجل الذي حينما تسير على سننه يسر قلبك وتلمع عيناك بحبه ويفرج كربك بتباعه، وتجد الحياة مرارا ببتعادك عنه بل تكن عندها من الأموات، هو موجود بداخلك رغم الفارق الزمني البعيد ،والفارق المنطقي ،حينما تسمع حديثا من أحاديثه وكأنك في حضرته ، والجمال كل الجمال حينما تحضر حفل مديح فيه ،هل يمكننا أن نتجرأ ونقول أنه ميت ،حاشا لنا كذلك الأمثال السابقة فهي حية في قلب كل من عرفها حتى لو كان شخصا واحد فقط ، وكما يقول أمير الشعراء في قصيدة المشرقان عليك ينتحبان
دقات قلب المرء قائلة له * إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها * فالذكر للإنسان عمر ثان
عش حيا ولا تعش ميت، فلنحيا بنقاء قلوبنا ،فلنحيا بحب الخير لأخي الإنسان، فلنحيا بكوننا عظماء في أعين واحد فقط لن أقول الناس ، اترك لنفسك بصمة حب ، ولا تكن وصمة شؤوم على كل من عرفك، وعش محبا تحيا أبد الدهر.




اضف تعليق