قصة أشهر حادث لـ المثليين في مصر: القبض على 36 رجلًا في مركب بتهمة «ممارسة الفجور»

الأربعاء 27-09-2017 09:47

كتبت – ريم عبدالحميد

«قُرب فجر الجمعة، 11 مايو 2001، داهمَ ضباط من نيابة آداب القاهرة، مع ضباط مباحث أمن الدولة ملهى (كوين بوت)، داخل باخرة ترسو على شاطئ النيل، وتم إلقاء القبض على نحو 36 رجلاً ممّن كانوا هناك»، بهذه التفاصيل، جاءت الصحف في ذلك اليوم، تتحدث عن مركب «كوين بوت»، الذي يعد أشهر قضية دارت تفاصيلها عن المثليين، والتي تستخدمها بعض الصحف العالمية حتى الآن عند الحديث عن اضطهاد المثليين حول العالم.

ربمّا لم يسمع الكثيرون عن حادث «كوين بوت»، لكنهُ في ذلك التوقيت كان الأشهر، خاصة بعد تقديم من ألقي القبض عليهم، للمحاكمة بتهمة ممارسة الفجور، أمام محكمة أمن الدولة.

بعدها، أعلنت الصحف القبض على ما يزيد عن 50 شخصًا أتهموا بالانضمام إلى «جماعة عبدة الشيطان، وممارسة الشذوذ، والتقاط الصور العارية»، وأشارت الصحف إلى أنه تم إلقاء القبض على المتهمين «أثناء قيامهم بممارسة أعمال مخلة وهم عرايا، وأن الحفل كان زواج بين شابين»، وفقًا للوصف الذى تم إدراجه آنذاك، حسبْ تقرير «مراقبة حقوق الإنسان»، تحديدًا «الفصل الثالث – محاكمات كوين بوت».

ذكرت أوراق تقرير مراقبة حقوق الإنسان، أن المتهم الأول كان يُدعى «ش . ف»، يبلغ من العمر 32 عامًا، مهندس، ينتمي لعائلة تعمل في السياسة بطريقة أو بأخرى، فيما ذكر تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش»: «كان رجُل يهوى التصوير الفوتوغرافي، له أعمال عرضت في عدة معارض، متدين وحج إلى بيت الله».

بعد إلقاء قوات مباحث أمن الدولة القبض على المتهم المذكور في تقارير حقوق الإنسان، قال أفراد أسرته لـ«هيومان رايتس ووتش» إن «الضباط داهموا شقته قبل القبض عليه، وأخذوا كل ملفاته، كل صوره وكتبه، كل حاجة»، ووصفوا الحادث بـ«المدبر».

أُجريت المحاكمة وسط أجواء متوترة، كمّا قال، طاهر أبوالنصر، أحد المحامين في القضية: «كانت الحراسة مشددة، فيما فُرض نطاق أمني حول ساحة المحكمة، وحدث اهتمام إعلامي مثله»، ووصفت القضية بأنها «قضية فجور حقيقية، بأوراق ونيابة وطب شرعي».

قال أحد المُتهمين، حسب تقرير مراقبة حقوق الإنسان: «طرحت علينا أسئلة لا علاقة لها بالسبب الرئيسي، سألوا البعض هل كان عضوًا في جماعة (وكالة الله في الأرض)، (ماذا يعرف عن الغلام الكردي؟)، (هل سبق أن حضر اجتماعات دينية على سطح أحد المُتهمين؟)، (هل حضر حفلات زواج بين ذكور من بين طقوس الجماعة؟)، ثم اتضح فيما بعد أن التهم الموجّه تجاوزت مجرد اعتياد ممارسة الفجور، وتطورت إلى ازدراء الأديان وتكوين منظمة دينية سرّية».

وعن الأجواء المُصاحبة لمّا حدث، سجّل تقرير «هيومن رايتس ووتش» تسجيلات المتهمين كمّا يلي: «الأهالي طلبوا مننا نخبي وشوشنا علشان الجيران وقرايبنا من بعيد ما يعرفوناش، أول ما عرفوا إن حيكون فيه صحافة كتير كدة في القضية، وخلال المحاكمة، بدأ المتهمون في ارتداء أقنعة انتزعوها من ملابس السجن البيضاء».

قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أيضًا، عقب فحصها لنحو 100 ملف لقضايا تعرض المتهمون فيها للكشف الطبي على الشرج، لم تجد سوى حالة واحدة حصلت فيها النيابة على إدانة كتابيّة.

ولأنّ المنظمات الحقوقية اهتمت بتلك القضية، سجّلوا شهادة أحد المتهمين الذى قال عن الكشف: «دول ما كانوش دكاترة، عمالين يشخطوا ويزعقوا ويشتموا. كانوا خمس دكاترة رجالة واتنين حريم. ده كان صعب قوي».

وأضاف: «الدكتور سألني (هو أنتم كنتم بتمارسوا جوة المركب؟) قلت له (لأ)، فقال لي (ماشي، إقلع) وكشف عليا. وبعدين هانني، وقال لي امضي هنا، وبعد الحكم قعدت سنتين كل ليلة لما بروح في النوم بافتكر الحاجتين دول، وبيجي لي كوابيس)».
في 14 نوفمبر، تم إصدار الحكم، وسط حراسة مشددة وتم منع أقارب المتهمين ومحاميهم من الدخول، بينما التقط المصورون صورًا للمتهمين المقنعين داخل قفص الاتهام.

وقال رشيد، أحد المتهمين: «مسمعتش صوت القاضي، ماعرفتش حكمي لغاية ما رجعنا سجن طرة. كلنا كنا بنبكي زي الأطفال، واللي قرأ لنا أحكامنا كان مأمور السجن، أنا كنت واخد براءة».

برأت المحكمه 29 متهمًا وأدانت 23 منهم، وتم إدانة «ش.ف»، المتهم المذكور سابقًا، بتهمتي «الفجور» و«ازدراء الأديان السماوية» وحكم عليه بالسجن خمس سنوات، أما «م . د» فأدين بالتهمة الثانية فقط وحكم عليه بثلاث سنوات.

أما باقي المتهمين، حُكم عليهم بالحبس لمدة عامين بالإضافة للمراقبة (أي المبيت بقسم الشرطة كل ليلة) لمدة مماثلة لمدة الحبس لاعتياد ممارسة الفجور «باستثناء (ب) بطل كمال الأجسام الذي حكم عليه بسنة واحدة».

اضف تعليق