الحاسه المُفتيه

الأربعاء 27-09-2017 22:52

كتب – محمود السني

 
في خضم التاريخ إرتقت امتنا وسادت العالم ، وأخذت دوامة الفكر الاسلامي تتسع وتتسع لتشمل هذا العالم بالمبادئ والقيم الساميه .. الا أنه لما قدر علي هذه الامه الضعف والهوان في آخر زمانها الذي نعايشه الان رأي العين ؛ فقد بشر نبينا الصادق الذي لا ينطق عن الهوي بالمهدي المنتظر : الذي سيخرج هذه الامه من الظلمات الي النور ، ويأخذ بيدها من الذل الي الرفعه .
والان دقت ساعة الصفر ، وآن الاوان للغواشي ان تنقشع وللستار أن يرتفع لأعلن لكم أن هذا المهدي المنتظر هو أنا .. نعم نعم لا داعي للدهشه انه أنا لاشك ولا مراء في ذلك ؛ فقد تأكدت من ذلك بنفسي مؤخراً ، كما أن لدي علامة علي ظهري .. فهنيئا لكم .. لقد جاء أخيراً من سيوقظ هذه الامه من ثباتها العميق ، ويعيد لها مجدها الغابر .. لذا فالتؤازروني ولتنصروني لينصركم الله بنصري ، ولنتحول من مجرد مقطورة في مؤخرة قطار من الامم الي قاطرة تجر مقطورات من الامم ..
أعلم أنكم قد تلعنونني الآن ، وقد تتهمونني بالجنون والهذيان ، أو قد تكتنفكم حالة من الاستياء والانكار .. ولكن ما انا علي يقين به انه لا أحد منكم قد إنطلي عليه هذا الادعاء ، أو دخل عليه هذا الكلام من باب التصديق .. ومن هنا تبدأ الغايه من هذا المقال ..
تري لماذا كذبتموني ؟ .. لماذا لم يعتريكم حتي ولو مقدار شك ضئيل أنه قد يكون أنا حقا هو هذا المهدي المنتظر الذي بشر به نبينا صل الله عليه وسلم ؟ ..لماذا أعتبرتم هذا الكلام ضربا من العبث وأن ما أدّعيه لا أصل له من الصحه ؟
إنكم وللوهلة الاولي من قراءتكم لهذه الاسطر التي زعمت فيها مهديتي أصدرتم علي حكما فوريا بأني مخادع وكذاب اشر ، دون أن تضطروا الي التروي أو التمهل حتي تستقرئوا البراهين وتتبعوا العلل ، أو علي الاقل حتي تتأكدوا من هذه العلامه التي اخبرتكم أنها علي ظهري .. هكذا في التو واللحظه ، وبدون أن تغرقوا أنفسكم في بحر لجي من التفسيرات والحجج ، أصدرتم علي حكما ينطوي علي يقين لا يحتمل شكا ولا يقبل جدلا بأنه لا صحة لما أدّعيه من مهديه..
من المعروف أن الحق أبلج ( أي بَيّن واضح ) وأن الباطل لجلج ( أي مفضوحا زهوقا )، ولكن أنّى لنا أن نعرف تلك القيم إعطباطاً منا وبلا تكلف ؟! .. كيف يتهيأ لنا أن نستخرج الحق من بين دياجير الباطل دون تمحيص أو تعليل ؟! ..
يتضح بذلك أن التي ساقتكم الي هذا اليقين بهذه البديهيه ، ثم التسليم الاعمي لهذا الاعتقاد الباطن ؛ هي حاسة عين البصيره : ميزان أودعه الله في أعماق أعماق الانسان ، ميزان يكاد لا يخطئ الحق ، إنها فطرة الله التي فطر الناس عليها ؛ تميز الصالح من الطالح وتفرق بين الحق والباطل .
إن لهذه الحاسه مهمة اعظم بكثير من مجرد اكتشاف الحقيقه بهذه الصوره المسبقه الذكر ؛ فهذه الحاسه الجبليه أو الاداة الفطريه التي إستعملتموها للوصول الي حقيقه إدعائي ، هي هي نفسها التي تشجعك إن كنت علي الحق ، وتؤنبك إن كنت علي الباطل .. فهي التي أشار اليها النبي صل الله عليه وسلم في قوله ” الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ ” ؛ فكلما هَمّ إنسان الي فعل خطيئه .. وكلما حاول أن يقنع نفسه أن خطيئته صوابا ، عندها تستثار هذه الحاسه من تلقاء نفسها وكأنها مفتي يصرخ بأعلي صوته ليحذره وليفتيه بأنه علي خطأ ، ولا يكتفي بذلك بل يظل يؤرقه بصراخه حتي يستفيق من غفلة الاثم الي التنبه لفعل البر – وهذا يحدث فقط مع الاشخاص ذوي النفوس السويه – .
ولكن مع كل أسف فإن هذه الحاسه لا تتوفر عند السواد الاعظم من الناس ؛ لا لأنهم حرموا ومنعوا منها ، بل لقد كانت فيهم بالطبيعه الفطريه التي خلقوا عليها ؛ ولكن لأنهم تعمدوا إفتقادها باعتدائهم عليها ظلما وعلواً ، وبارتكابهم للكثير من الخطايا والآثام ؛ حيث أصموا آذانهم عن هذا المنادي والمفتي الداخلي كلما حاول ان يقوّمهم ويحذرهم من مغبة ما يفعلون ، حتي بح صوته من كثرة ما صرخ فلم يعد يسمعه أياً منهم .
ففتشوا في انفسكم اين انتم من هذه الحاسه ؟ .. أما زالت تحيا في داخلكم تصدع بالحق وتدفعكم الي البر والتقوي وتنهاكم عن المنكر والبغي ؟ .. ام انكم من تلك الفئه الاخيره التي اصابت هذه الحاسة في مقتل ؟

2 تعليقان

1

بواسطة: adel shabaan

بتاريخ: 5 أكتوبر، 2017 12:00 مساءً

رائع ياسني ربنا يبارك فيك
استمر هاتبقا احسن من ناس كتير

2

بواسطة: حسين خميس

بتاريخ: 7 أكتوبر، 2017 11:09 صباحًا

رائع يا صديقي القادم افضل باذن الله 😍😘

اضف تعليق