الأمثال المميتة

الأربعاء 27-09-2017 14:40

بقلم – ايمان الطوخي

إن الأمثال هي مرآة كل عصر ، ولكل مثل مضرب ومورد، ولكن معظم الناس لا يعلمون عن هذا، وإنما يرددون الأمثال في المواقف التي يمرون بها والمشابهه لمعنى المثل ؛ لتعبر عن حالة المتحدث ، أو لتعبر عن مشهد متمثل أمامه ، المعضلة أن معظم الناس يرددون فقط الأمثال دون أن يفهموا أو يعوا مقصدها، فبعض تلك الأمثال التي يرددون بدون وعي مميت لقائله، ولكن هو ليس مميتا لجسده ، وإنما هو مميت لروحه وعقله ، و هذه بعض من تلك الأمثال الكاذبة “الباب اللي تأتي منه الريح سده واستريح” فهذا المثل يدعو إلى الإستسلام وعدم المثابرة والصبر على حل مشاكلنا ، يجعل الناس تستحيل وتستصعب أمور كثيرة ، فهو لم يسد عنهم الريح بل سد عنهم روح الإصرار والصبر على تحقيق ما يسمونه بالمستحيل ، حيث أصبح ذلك الباب سدا منيعا يحجبهم عن الإبداع والتطوير وأخيرًا عن التميز والتقدم وجعلهم مجرد أناس عاديين، فأصبحوا متغافلين عن أن هذا الباب قد يكون فرجا لهم وجلاء احزانهم، لعل هذا الباب منقذا لهم .
اللي يفكر يتعكر” وهذا المثل كارثي ؛ حيث جعل من التفكير ماده عكره يتعكر بها العقل ، فيدعونا إلى عدم إعمال العقل يدعونا إلى إذهابه ، أي يدعونا الي الجنون ، حيث أن التفكير هو هبة الله عزوجل للإنسان ، هو الميزة التي ميزنا بها الخالق عن جميع خلقه ، هذا مخالف لسنة سيدنا -محمد صلى الله عليه وسلم- حيث قال:”تفكر ساعة خير من عبادة ألف عام” وهذا المثل يدعونا إلى عدم التفكر والتأمل ، يدعونا إلى السبات العميق ، يدعونا إلى النوم والغفلة، وفي نهاية الأمر يدعونا إلى الهلاك إلى الموت ، أجساد بلا عقول ، أجسام متحركة فقط تأكل وتشرب وتنام ، أي يتحول الإنسان إلى أله تنفذ فقط ما تأمر به ، وقد تكون غير قادرة على التنفيذ.
“يعطي الحلق للاللي بلا ودان ” هذا المثل يدعونا إلي ارتكاب إثم كبير وهو الظلم ؛ فيجعلنا هذا المثل نظلم الله سبحانه وتعالى ، فيجعلنا الناس تعتقد بأن الله يظلم عباده في العطايا والارزاق، وينفي الله تلك الصفه بكل وضوح في القرآن الكريم في مواضع كثيرة حيث قال تعالى:”ما يبدل القول لدي وما أنا بظلم للعبيد” وبكل آسف هذا المثل شهير ومتداول بين الناس في مجتمعنا ، فإذا تفكر الناس في مثل هذا المثل لوجدوا أنهم يقولون على الله الكذب ويفترون على الله الذي لو عاملنا بعدله لهلكنا جميعاً .
وهناك تدمير آخر ومفاسد كثيرة لمثل منتشر جداً في مجتمعنا وهو “اللي اتكسر عمره ما يتصلح” هذا المثل يجب أن يطلق عليه مدمر الإنسانية ؛ لأنه يدمر العلاقات بين البشر، بين الآباء والأبناء، بين الأخ والأخت ، حيث يدعو هذا المثل إلى اللانسانية و اللارحمة ، ويدعونا الي قطع الأرحام ، فهذا المثل لم يدمر العلاقات الإنسانية فقط بل يميتها أبشع ميته ، فهذا المثل قد شبه العلاقات الإنسانية الجياشة بالحب والرحمة والمودة وتلك المشاعر والروح الجميلة بمجرد أشياء مادية لا عقل لها، ولا قلب لها ولا مشاعر ، كيف يمكن أن يتم عقد مقارنة أو تشبيه بين أشياء هي على النقيض تماماً، كيف يمكن تشبيه عاقل بغير عاقل، فنحن بشر ولسنا كؤوس زجاجية تنكسر ويصعب إصلاحها ، أي نحن نمتلك روحا هي حياتنا، لذلك ينبغي على الإنسان أن يعي ما يقول قبل أن ينطق به ، يجب عليك ان تفكر أولا ، وأن تتجنب مثل هذه الأمثال المخادعة، يجب ألا تظلم نفسك بقول تلك الأمثال المميتة.

تعليق (1)

1

بواسطة: Ahmed eltokhy

بتاريخ: 27 سبتمبر، 2017 4:50 مساءً

مقال هادف جدا وأكثر من رائع

اضف تعليق