“أم محمود” من عاملة نظافة إلى موظف بجامعة الفيوم بعد الأربعين

السبت 21-10-2017 10:02




كتبت – رباب مناع

 

يدق جرس التنبيه اليومي، في السادسة تحديداً، تنهض نادية سلطان، من فراشها، متثاقلة ومستعدة ليوم جديد شاق من العمل، تنزح إلى مطبخها تعد فطورًا سريعا، حتى لا تواجه بخصم من الراتب، أو تكدير من الرؤساء.

في طريقها إلى الباب، تنظر إلى صورة زواجها، تتذكر تلك الأيام حين حصلت على شهادة الدبلوم، ولم يكن لها أن تتابع مسيرتها التعليمية، قل من كانوا يفعلون ذلك، من اللاتي عاصرتهن نادية، لكنها تزوجت ،وقطعت طريق للشقاء، مع زوج ميسور الحال، خاضا معا عراكًا ضاريا ضد الزمن وصعوبة المعيشة.

 

تتحاشى نادية الزحام مع آخرين من الموظفين وطلاب الجامعة، أثناء خروجها من مسكنها بحي التطبيقيين، لتستقل ميكروباص يحملها إلى مقر عملها،عاملة نظافة بوحدة إدارة المشروعات بجامعة الفيوم، محتفظة بزي النظافة الخاص بها في كيس أسود، لتبدل به ملابسها الحالية إيذانا ببدء العمل.

 

هذه الوظيفة هي الوحيدة التي نجحت في الحصول عليها بشهادتها المتوسطة، لكن ثمة أمل كان ينمو ببطء، مع تصاعد وتيرة العمل الشاق الذي تمر به أي عاملة نظافة، وتحاشيا للنظرات الدونية التي يطلقها بعض ضعاف النفوس هنا وهناك، لتحمل الفطور الصباحي إلي مكتب الموظف الفلاني، أو تساعد الأستاذ العلاني في إجراء شأن ما داخل الجامعة، تلك الوظيفة التي ما اعتقدت يوماً أن تتقدم لها، لكن الظروف تفرض كثيرا، مما لا يتوقعه الناس.

 

خلال سنوات عملها، نجحت “أم محمود” في الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع زملاء العمل، وأعضاء هيئة التدريس في كل كلية عملت بها، مخلفة ورائها أعباء عمر ثقيل، جنت فيه قليل المال، و3 أبناء، تزوج اثنين منهم، والثالث يقضي خدمته العسكرية الإجبارية، ضمن جنود آخرين.

 

انتظرت “أم محمود” أعواما طويلة، حتى تعلن الجامعة عن فتح باب التقديم، لشغل وظائف إدارية، ولكونها تخطت الأربعين، فلم يكن يحدوها الكثير من الأمل، تجاه ما ستسفر عنه نتائج قبول المتقدمين لشغل الوظائف، لكن كانت المفاجأة أن كانت “أم محمود” على رأس قائمة المقبولين لشغل وظيفة أمينة معمل بجامعة الفيوم بوحدة إدارة المشرعات داخل الجامعة، ما كان كمثل المفاجئات التي تغير الأقدار في منتصف العمر.

 

تقول “أم محمود” أنها لم تعد ترغب بشيء، بعد أن أرضاها الله بالرزق والولد، وتنتظر أن يتم آخر أبنائها خدمته العسكرية حتى تبدأ مشروع تزويجه، وانتظار أبنائه، كما تنتظر جدة في الخمسين من عمرها أن ترزق بأحفاد.

اضف تعليق