بقلم: محمد سيد

الحب ﺷﻌﻮر طيب يُصاحبه راﺣﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺗﺠﺎه من نُحب، وﺻﺎدق اﻟﺤﺐ ذو اﻟﻘﻠﺐ اﻟﻨﻘﻲ ﻻ يخُن ﻗﻠﺒًﺎ أﺣﺒﻪ ﺑﻞ ﻳﺘﻘﻲ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ، واﻟﺤﺐ اﻟﺼﺎدق ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺣﺐ اﻟﺮوح ﻟﻤﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻛﺎﻟﺤﻴﺎء والخُلق، وﺻﻔﺎت ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ ﻛﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، وﻧﺎدرًا ﻣﺎ ﻧﺮى ُﺣﺒًﺎ ﺻﺎدﻗًﺎ ﺑﻪ ﻣﻮدة ورﺣﻤﺔ ﻗﺎﺋﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺮوح، ﻓﻘﺪ ﻛﺜﺮت اﻟﻔﺘﻦ وازدﻫﺮ اﻟﺘﺒﺮج واﻧﻌﺪﻣﺖ اﻷﺧﻼق، واﻧﻌﺪم ﺣﺐ اﻟﺮوح، وﺣﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺣُﺐ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ واﻟﺮﻏﺒﺎت، ﻟﻬﺬا ﻻ أرى اﻟﺤﺐ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺮوح ..
– اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺨﺎﻃﻲء ﻟﺪى اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻦ اﻟﺤﺐ داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، وﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮرة اﻟﺤﺐ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻰ ﻧﺮاﻫﺎ هو ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﻧﺎﻗﺪًا ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺐ زاﺋﻒ وقلوب ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺎ ﺗﻬﻮاه اﻟﻨﻔس، وﻻ ﺗﻌﻠﻢ أن اﻟﻨﻔﺲ أﻣﺎرٌة ﺑﺎﻟﺴﻮء، لذلك ﻧﺠﺪ داﺋﻤًﺎ أن ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﺎتت بالفشل ﻻ ﻳﺒﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﻓﻴﻨﺎ ﻏﺮﻳﺰة اﻟﺤﺐ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ واﻋﻠﻢ ﺟﻴﺪًا أن ﺷﻌﻮر اﻟﺤﺐ ﺗﺠﺎه ﺷﺨﺺ ﻻﻳﻤﻜﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﺎ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن يجعله حُبًا ﺣﻼﻻً وﺣﻖ ﻣﺸﺮوع ﻟﻪ، ﻳﺠﻌﻠﻪ ُحُبًا ﺧﻔﻴًﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﻪ أﺣﺪ , وﻫﻨﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ آﺛﻢ ﻣﻦ أﻗﻮال ووعود تُقال وﻳﺼﻄﺪم ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺎﻧﻌﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﺐ واﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻓﺮﻗﻬﻤﺎ، وﻻ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺳﻮى إرﻫﺎق اﻟﻘﻠﻮب وإﻛﺘﺴﺎب اﻟﻜﺄﺑﺔ
– فاﻟﺤﺐ رزق من الله تعالى وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻳﻨﻬﻰ اﻹﺳﻼم ﻋﻦ اﻟﺤﺐ , ﻷنهُ ﻏﺮﻳﺰة وﺷﻌﻮر وإﺣﺴﺎس ﻓﻲ ﻗﻠﺐِ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن، وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺷﻌﻮر الحب اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ بالفطرة ﻳﻜُﻦ ﺻﺎدﻗًﺎ ﻃﺎرﻫًﺎ ﻧﻘﻴًﺎ، وﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎِظ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺸﺮع وﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ..
وﺿﺤﺎﻳﺎ الحب عديدة مختلفة الأشكال ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺗﺒﺎع اﻟﻬﻮى ﺑﺸﻜﻞٍ ﺧﺎﻃﺊ وعدم اﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﻤﺸﺎعرنا بشكلٍ صحيح، ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻠﺤﺐ دون ذﻧﺐ عندما تُرهق قلبك بحب شخص ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻚ , واﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ردًا ﻗﺎﺳﻴًﺎ ﻟﻌﺪم اﻟﺸﻌﻮر ﺗﺠﺎﻫﻚ، وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻠﺤﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ يُجبرُك اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﻲ واﻻﺑﺘﻌﺎد عن من تُحب رﻏﻤًﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻇﺮوف أﺣﺎﻃﺖ ﺑﻚ ﻻ ﻳﻌﺘﺮف ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻠﺤﺐ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﺧﺎﻃﺊ أو ﺣﺐ ﻣﻦ ﻃﺮف واﺣﺪ …
وﺗﺒﻘﻰ دواﻣﺔ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻹﻫﻤﺎل اﻟﻨﻔﺲ وإﺗﺒﺎع اﻟﻬﻮى، ﻳﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ “وﻫﻼك اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ إﻫﻤﺎل اﻟﻨﻔﺲ وﻣﻦ ﻣﻮاﻓﻘﺘﻬﺎ وإﺗﺒﺎِع ﻫﻮاﻫﺎ ” ﻓﺎﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﺎ ﻗﺪ ﻳﻔﻘﺪ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻘﺪ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﻬﻮى ﻷﻣﺮﻳﻦ , اﻷول ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻌﻮر اﻟﺤﺮﻣﺎن , واﻟﺜﺎﻧﻲ رﻏﺒﺔ اﻟﺘﻤﻨﻰ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ، وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﻴﺪة ﻓﺈﻧﻬﺎ داﺋﻤًﺎ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﻜﺴﺮ اﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﻹﺷﺒﺎعِ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ، وﻻ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن ﻧﺴﺘﺴﻠﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﻘﻄﻨﺎ، ﻓﺄﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ ﻟﺬة اﻟﺤﺐ أو ﻏﻴﺮه ﻳﺠﻌﻠﻚ ﻗﻮﻳًﺎ ﺻﺎﻣﺪًا ﻣﺠﺎﻫﺪًا ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻐﺮﻳﺎت
وإﻟﻴﻚ أﻗﻮل ..
اﻧﻈﺮ ﻟﻬﺪﻓﻚ اﻟﺒﻌﻴﺪ وﺣﺎول ﺑﻘﺪر اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع أن تخطو خطواتٍ ﻧﺤﻮهُ وﺣﺎول إﺳﻌﺎد ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻨﻔﺴﻚ، ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮك وإﺗﺒﺎع ﻫﻮاك اﻟﺬي ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻨﻪ ﺳﻮى إرﻫﺎق القلوب، وﻻ ﺗﻴﺄس ﻣﻦ ﺗﻜﺮار اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻴﺪ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻤﺎ ﺗﻬﻮاه، ﻓﺎﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ ﺧﻴٌﺮ ﻟﻚ أﻟﻒ ﻣﺮة ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺴﻼم، وكُن ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ ﺑﺄن اﻟﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﺨﺬﻟﻚ اﺑﺪًا ﻣﺎ دوﻣﺖ ﺗﺮﺟﻮه ﺑﺤﺴﻦ ﻧﻴﺔ وﺑﺼﺪق ﺧﺎﻟﺺ وﺗﺘﺒﻊ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ(وأﻣﺎ ﻣَﻦ ﺧَﺎف ربهُ ونهى النفس عن الهوى)
وكُن ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﺑﺄن اﻟﻠﻪ ﺳﻴﺮزوﻗﻚ اﻟﺤﺐ اﻟﺬي ﺗﻤﻨﻴﺘﻴﻪ وامتنعت ﻋﻨﻪ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻨﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﺤﻘﻴﻘًﺎ ﻟﻠﻌﻔﺔ واﻧﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﻣﻦ ﻳﻐﻨﻴﻚ ﻋﻦ ﺻﺒﺮك ﻫﺬا، وﺗﺄﻣﻞ ﻗﻮل اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) ﺗﺄﻣِﻞ ﺟﻴﺪًا .. ﻫﻨﺎك أمرٌ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﺈذا ﺣﻘﻘﺖ اﻷﻣﺮ ﺗﺤﻘﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ، أي إذا ﺣﻘﻘﺖ اﻟﻌﻔﺔ واﻣﺘﻨﻌﺖ ﺗﺤﻘﻖ ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ
فـﻛُن ﻗﻮﻳًﺎ ﺻﺎرﻣًﺎ ﻋﻠﻰ اﻓﻌﺎﻟﻚ وﻻ ﺗﻨﻘﺎد أﻣﺎم ﻣﺎ ﻳﻀﻌﻔﻚ، وﻛُن ﻣﺮﻏﻮﺑًﺎ ﻻ راﻏﺒًﺎ، أي ﻛن ﻣﺮﻏﻮﺑًﺎ ﺑﺄﺧﻼﻗﻚ، وﻻ ﺗﻜُن راﻏﺒًﺎ عما تهواهُ النفس، ﻓﺄﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻻ ﺗﺘﺤﻘﻖ، وﺗﺄﺗﻲ اﻟﺮﻳﺎح ﺑﻤﺎ ﻻ تشتهيهِ السفن، ﻓﻼ ﺗﺠﻌﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻠﺤﺐ، وﻟﻴﺴﺘﻌﻔﻒ ﻗﻠﺒﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﺮزوقك اﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺬي عفَ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻚ ..
هذا جزء مُقتبس من كتاب “روح الأنثى” والذي عنوانه بالكتاب “الحُب مُباح بحدود تعاليم الإسلام” .