تبدأ الحياة بصرخة !!

الثلاثاء 13-03-2018 00:35

كتب محمود ابو زيد

 
فى أوقات التفكر والتأمل وبعيداً عن كل التفسيرات العلمية أو غيرها  كانت تشغلني قضية غريبة تستحوذ على عقلي حاولت كثيراً أن أجد لها تفسيرا يريح عقلي القضية تتلخص فى سؤال وحيد ، لماذا يصرخ المولد عندما يخرج من رحم أمه ؟فأجد الكثير من التفسيرات ، لكن لم يهدأ لي بال وسألت نفسي ، لماذا يستقبل المولد  الحياة بصرخة ؟وأعدت السؤال على نفسي مراراً وتكراراً  فهل ترى مالا نراه أيها القادم الجديد للحياة ؟ فمن المستحيل بزمان أو مكان أن نسألك أيها المولد ، لم تستهل الحياة بصرخة ؟ فقد ولى زمن المعجزات !

أيها الوليد  أشعر بك وأكاد أجزم بأنك خرجت من عالم أوسع وهو رحم أمك إلى عالم ضيق وهى الحياة برغم كبرها ورحابتها .. لذلك تصرخ لأنك أدركت أنك خرجت إلى عالم الزيف والنفاق والأنانية والجحود .. فأنت أيها المولود قد فسرت كلام الله .. يقول تعالى : قَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴿٤﴾ سورة البلد .. وهذه حقيقة قرأنية وواقع يعيشه الإنسان !
لقد أجبرتني أيها المولد أن أقف عند صراخك وأتأمل كثيراً فى هذا العالم الذي نعيش فيه فوجدت أن صرختك صادقة وأسبابها منطقية  فقد إكتشفت إن معظم البشر يعيشون فى ظلام لا نور فيه إلا القليل منهم من سلم  فالكثير منهم يعانقون  أنفسهم بمطامع الحياة الزائفة ، يعانون من ضعف شخصيتهم وافكارهم وجهلهم ، يرتدون ثياب التصنع والكذب وأقنعة الزيف والنفاق بعد أن تقلصت معظم المعاني الإنسانية والقيم الأخلاقية !
صدقت أيها المولد  إنه عالم الزيف والخداع فمعظم المشاعر الإنسانية تحطمت على جسور المصالح فقد صارت مشاعر الحب نادرة الوجود ! وحقيقة الأمر لإننا نعيش في عالم الصراعات من أجل البقاء فى دوائر الماديات التى طغت على قلوب العباد فتلاشت الكثير من المعاني الروحية السامية التي فطرنا عليها رب العزة !
أيها الوليد لا لوم عليك فلا أحد يسلم من ويلات جفاف المشاعر والتجرد من الإنسانية فى هذا العالم الغبي !فالكثير من بني البشر  يسبحون فى فلكهم مفضلين أنفسهم على غيرهم بمنتهى الأنانية والنرجسية إنهم يسيرون فى دروب من الأهواء لا نهاية لها !
صرختك أيها المولد تستفز كل حواسي كأننى أبكي على صوت الناي الحزين وأتساءل أين البشر ؟ أين الحب والرحمة ؟  أين الحنين ؟مشاعر كالبركان تنفجر فى داخلي  فقد إختفت نهائياً الكثير من معاني الصدق والتضحيات والوفاء والإخلاص من حياتنا
ياألله , تندثر معاني الحب والخير والجمال فى هذا العالم برغم إتساعه إلا إنه ضيق وصغير بمضنونه المتاح لنا  إن الغموض يملأ أرجاءه بعد أن إختلط الحق بالباطل ، والخير بالشر فى زمن أقل مايوصف بأنه زمن الجحود والنكران وحب الذات !
أيها الوليد أصرخ لكن لا تيأس أبداً ، ولا تدع الحزن يحرمك من الحب الذي خلقه الله فى قلوبنا فالحب غاية سامية إن أدركنا إنه الملاذ من كل معاناة نعانيها نحن البشر

اضف تعليق