مجتمعًا ذكوريًا “

السبت 03-03-2018 09:01

بقلم : محمد سيد شحات

يتردد بين ألسنة البعض المصطلح الذي كَثُر استعماله لدى الكثيرين من الكُتّاب والأدباء بشأن – قضية المرأة – وكيفية معالجتها من شتى جوانبها ، لتوعية البعض بدور المرأة والاعتراف بقيمتِها ومكانتِها داخل المجتمع الذي أُطلق عليه – مُجتمعًا ذكوريًا – من الدرجةِ الأولى
وقبل عرض القضية وشرحها تفصيلاً ، لابد من الوقوف على -تسمية المصطلح- وتفسير ما يؤول إليه وفقًا لمفهومه الصحيح والمُراد إيصاله ، فأحيانًا نجد من يطلقون تسميات أخرى وتهمهم ألسنتهم بالمصطلح دون فهمه بشكل صحيح ، من هذه التسميات المتشبسة بعقول النساء على وجه الخصوص (مجتمع ذكوري متخلف أو رجعي أو متعفن) وهذا ليس صحيحـًا ، فليس من الجيد أن نُعمم ما نراه من جهل البعض بحقوق الأخرين وإن صح التعبير – بحقوق الأخريات – فلا يجوز فى الوقت الحالي أن نُضيف للمصطلح مثل هذه الألفاظ ، لأن هناك فرق وتطور كبير بين المجتمع في عصرنا الحالي وما كان عليه المجتمع ف العصور القديمة والوسطى ، فقد كانت بالفعل المرأة مسلوبة الحقوق فى مجتمعات كانت تُدعى أكثر المجتمعات تحضُرا وتقدما حينها منها اليونان ، وأيضًا تعرضت للإهانة فى مجتمعات أخرى ، وليس لها أي دور في بناء المجتمع على الرغم من وجود الإسلام فى هذه المجتمعات ، والأعتراف بمبادئه وما نص عليه من حقوق للمرأة في حين أن المجتمع كان متجاهلاً كل هذا نظرًا للأنانية التى كان يتمتع بها رجال كل عصر ، وحينئذ كان يصح إطلاق لفظ التخلف والرجعية للمصطلح عبر العصور المختلفة فى الماضى سواء قبل ظهور الإسلام أو بعده ، أما فى عصرِنا الحالي الأمر لا زال قائمًا فهو مجتمعًا ذكوريًا بحت ليس تخلفًا بل جهلاً بالحقيقة القائلة بالمساواة بين الرجل والمرأة ، فنجد البعض يعترف بالمرأة ومكانتها ودورها ، ويرى أخرون ان مشاركتها مع الرجل داخل المجتمع أمرٌ لابد من هدمه
ونلاحظ أن هناك تطور فى التوعية بحقوق المرأة ، فكلما مر الزمن كلما نادى الكثير بحقوق المرأة وأعتقد أنه تم بالفعل الاعتراف بالمرأة داخل المجتمع والحرص الشديد على ثقافتها ونزولها لميدان العمل ونجد ذلك فى كثيرٍ من مؤسسات الدولة …

ويشير المصطلح بمفهومه الصحيح ، أن الرجُل أساس لبناء المجتمع وحده ، ويجب أن يعترف المجتمع بمكانته وقيمته على حين أن المرأة غير قادرة على ما يقوم به الرجل ، وليس لها الحق فى المشاركة من الأساس والسعي وراء ما تطمح إليه ، ومن هنا جاءت التسمية “مجتمع ذكوري” كاذب نراهُ ظاهرًا يعترف بمكانة المرأة وقيمتها وحقها فى المشاركة ، فى حين أن الحقيقة بالواقع واضحة من إهدار حقوق المرأة وعدم المساواة مع الرجل ونرى البعض يستخدم كل الأدلة الشرعية ضدها بشكل خاطيء محاولاً إيصال فكرة أن انوثة المرأة عورة لا تسمح لها بالنزول للعمل .. فهل الثقافة الذكورية الطاغية على اضطهاد المرأة هى ثقافة إسلامية فى أصلِها ؟؟ أم أن الرجل بفكره يخشى تفوق المرأة عليه علميًا وعمليًا لذلك يحاربها بكل الطرق ويقنعها بأن مشاركتِها جريمة فى حق انوثتها ؟؟
قد أرجح أن الرجُل يميل بثقافته الاسلاميه فيعارض المرأة وللأسف عدم الفهم الصحيح للدين هو ما أوقعنا فى ذلك كله
والحقيقة أن الله تعالى خلقنا وساوى بين جميع البشر ذكرًا كان أم أُنثى
يقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾
ويقول الله تعالى فى كتابهِ أيضًا (وأنّه خلق الزَّوجيّن الذَّكر والأنثى) فيتضح من الأية الكريمة أنه خلقهما من النوع الإنساني لـ إعمار الأرض حسب ما يهيئّهُ الله لكُلٍ منهما ، وهناك الكثير والكثير من الأدلة
ومنها قول الحبيب -صلى الله عليه وسلم-
(إنما النساء شقائق الرجال)). [ الترمذي عن عائشة ]
كل ذلك يشير إلى المساواة بين الرجل والمرأة وهذا لا يعني أنه ليست هناك فوارق بينهما فى بعض الحقوق والواجبات ، والذي بصدده الآن هو مشاركة المرأة فى بناء المجتمع وفقًا لثقافة المرأة المسلمة العالمة بحقوقِها وما عليها من إلتزامات وما تتمتع به من حرية فى إطار ما حدده لها الإسلام …

اضف تعليق